_"النويح*" على صلاة التراويح_
منذ اقتراب رمضان المعظم ولا حديث الا عن صلاة التراويح بالمساجد، خاصة بعد قرار الحكومة القاضي بالحجر الصحي ابتداء من الثامنة مساء الى غاية السادسة صباحا، مما جعل النقاش يدور حول اقامة التراويح من عدمها، فأصبح الكل يترقب وينتظر قرار الوزارة الوصية في الموضوع، ونظرا لأن من بين الاجراءات الوقائية التباعد وتجنب التجمعات ، وحيث ان العبادة في المساجد مناسبات للتجمعات يتقارب فيها الناس بأجسامهم وأنفاسهم، قد كان من الطبيعي ان تخرج الوزارة بقرار اغلاق المساجد بعد صلاة المغرب مباشرة ولا تفتح الا عند صلاة الظهر، والاكتفاء برفع الآذان فيما يخص صلاتي العشاء والفجر، عملا بقاعدة تقديم دفع الضرر على جلب المصلحة، وقد كان متوقعا ان تعظم الحسرة إزاء هذا الاجراء في قلوب المصلين الذين اعتادوا ارتداء المسجد، وعظم هذا التحسر على الخصوص بغياب صلاة التراويح، وهو أمر لم يعتده الناس ولم يتوقعوه فكانت ردة الفعل على نوعين:
النوع الأول:
1- من ناحيةاولى:
أبدى عدم رضاه على القرار ولكنه تجاوب معه واعتبر أن الأمر كان متوقعا نظرا للحالة الوبائية ببلادنا خاصة وأن الأمر والقرار نفسه منسحب على العديد من المرافق والمجالات التي تكبد الدولة الى جانب المواطنين خسائر فادحة من الناحية الاقتصادية، كالمقاهي والفنادق والاسواق التجارية الكبيرة منها والصغيرة، مما يعني أن القرار كان عاما وليس خاصا بالمساجد.
2- من الناحية الثانية:
إن الصلاة لا تتوقف بغلق المساجد كما هوا الحال بالنسبة للمجالات الاخرى، وإنما يمكن للانسان ان يصلي في بيته وينال أجر الجماعة ان كان ممن كانوا يواضبون على صلاة الجماعة في الأحوال العادية قبل الإغلاق، هذا بالنسبة للصلوات المفروضة، أما بالنسبة للتراويح فصلاته في البيت أفضل من المسجد على مذهب المالكية، ثم إنها فرصة لإقامة الصلاة في البيت مع الأهل والأبناء والأسرة.
3- ومن ناحية ثالثة:
تقدير الوضع الوبائي وخطورته، وعدم الانسياق وراء الآراء العدمية التي كل شيء عندها فيه "إن"،
النوع الثاني:
مثلته قلة من الأفراد والتي خرجت في ليالي رمضان تقيم صلاة التراويح في الفضاءات العمومية وقرب المساجد في تحد للقرار الحكومي وتنديدا واحتجاجا منهم على قرار الوزارة الوصية.
وفي الحقيقة لم نجد مبررا لمثل هذه التصرفات، خاصة إذا علمنا أن بإمكان الانسان أن يصلي في بيته وينال الأجر والثواب -ان شاء الله- خاصة وأن الأمر يتعلق بسنة التراويح التي نجد الناس يحرصون على آدائها أكثر من حرصهم على أداء الصلوات المفروضة.
إن التدين المصحوب بشحنات عاطفية أمر طبيعي وشيء محمود، لكنه لا يجوز أن يتجاوز الحد.
ولا يجوز أن يقلل من الأدلة الشرعية التي تؤكد على إعمال العقل، وعلى رأسها حفظ أمانة الحياة اعتبارا بالحالة الوبائية ودون الدخول في التحليلات الفارغة التي تقوم على الثقافة الشعبية، هذا من ناحية اولى،
ومن ناحية ثانية: فإن أوامر الله عز وجل منها ما هو موجه للفرد ومنها ما هو موجه لولاة الامور ولمن هو مسؤول كل حسب مسؤولياته.
بمعنى أن الله أمرنا بالصلاة وأمرنا بحضور الجماعة في المساجد وهذا أمر موجه للأفراد كل على حدة.
اما فيما يخص المساجد من حيث قرار فتحها وإغلاقها فالأمر فيه موجه لولاة الامور فهم المسؤوؤلون أمام الله سواء كانوا محقين أم مخطئين، ونحن كرعية يجب علينا دينيا؛ طاعة ولي الأمر.
وعليه فإننا لن نحاسب على إغلاق المساجد حتى ولو فرضنا جدلا أنه قرار خاطئ ومقصود كما يدعي البعض، وإنما سنحاسب على نياتنا وأعمالنا خاصة إن عادت الامور الصحية إن شاء الله الى طبيعتها وفتحت المساجد ووجدت نفسك ممن لا يعمرونها.
ختاما:
فلنقم صلاتنا في بيوتنا في هذه الليالي الرمضانية ولنتوجه الى الله بالدعاء لرفع البلاء، فإن أفضل الصلاة ما كانت في البيت الا المكتوبة كما قل عليه الصلاة والسلام، والمكتوبة وجد العذر لإقامتها في المساجد فأقيموها في بيوتكم وادعوا الله أن يتقبل منا ومنكم فإن الصلاة في الفضاءات والساحات وقرب المساجد احتجاجا، فيها نوع من الرياء الذي يبطل الاعمال وهو الشرك الخفي، نسأل الله أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام.
* النو يح : من النواح، وهو البكاء بصوت مرتفع معروف مخصوص بحالات معينة
كتبه: محمد سكرطاح.