خلال السنوات الاخيرة وفي ظل العولمة وتعدد وسائل الاتصال وانتشار وسائط التواصل الاجتماعي التي تنشر الاخبار كالنار في الهشيم، اصبحنا نرى تصرفات غريبة لم نكن الى عهد قريب نسمع بها، بالأحرى نشاهدها رأي العين جهارا نهارا، تصرفات وأفعال فيها نوع من التحدي للآخروانتهاك لحرمة مقدساته وتطاول على حريته، وفيها تحد للدين وللهوية وتحد للقيم وتحد للأعراف والتقاليد، وفيها نوع من التعدي على الحرية بداعي الحرية، والحرية منهم براء.
ومن بين تلك التصرفات التي كثرت وأصبحت تتكرر كلما هل علينا شهر رمضان الكريم، الافطار علنا من مجموعة من الاشخاص تدعو الى الحق في الإفطار خلال رمضان مثل مجموعة "ماصايمينش" (لن نصوم) على الفيسبوك، وشعار "الإفطار ليس جريمة" على "تويتر" وكذا هاشتاغ" الاكل ليس جريمة" وغيرها في الشوارع او المنازل او في الفضاءات العمومية، وياليت الامر عند هؤلاء اقتصر على الافطار في بيوتهم أو حتى في الفضاءات والشوارع وحسب، بل الامر احتاج منهم في إطار حريتهم المزعومة أن يصوروا ذلك في مقاطع فيديو ونشرها على مواقعهم ليغيظوا بها ذلك الآخر الذي قد يكون ابوه او امه أو مجتمعه الذي تربى فيه وعاش بين أفراده.
نقول لأصحاب هذا التصرف وأمثاله ان هذا ليست حرية ولا تعبيرا عن الحرية، نعم، من حقك ان لا تصوم ومن حقك أن تفطر، اذهب الى بيتك وكل واشرب وافعل ما يحلو لك،
فالحرية الفردية تعني ممارسة الحقوق المخولة لشخص في احترام للنظام العام والأخلاق العامة، فإذا كان السلوك تحت درجة النظام العام، فهذا لا يعني حرية فردية بل هو اعتداء على حقوق الآخرين.
ليس من حقك ان تستفز الآخر في إطار الحرية الفردية بل هو تحد للقواعد العامة للاخلاق وللنظام العام والدين والقانون -الذي يجرم الافطار علنا في رمضان الفصل 222- والاعراف في بلد 95٪ من سكانه يقدسون هذا الشهر الكريم.
يقول الدكتور مصطفى بنحمزة: "الأمر يتعلق بمجتمع مسلم له قناعة أن الصيام هو ركن من أركان الإسلام وليس نافلة، وحظي هذا الركن دائماً باحترام لافت في الذهنية المغربية، وأنه يمكن أن يُفطر في رمضان من له عذر، لكن عليه ألا يجاهر بذلك".
"اسيدي افطر ولى دبر راسك غي ما تستفزنيش بتصرفك"
لأنك بفعلك ذاك لا تقصد الا الاستفزاز ولا شيء آخر، هذا كله من ناحية.
ومن ناحية ثانية: فإنني أقول باختصار شديد للذين يضرهم هذا التصرف ويستفزهم وتأخذهم الغيرة عن الدين، ان الله يقول: (يايها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون). بمغنى حصن نفسك وحافظ على قربك بك من الله ولن يضرك مثل هذه التصرفات ما دمت تسير على الطريق المستقيم فمن اراد ان يحسن فليحسن ومن أراد ان يسيء فليسئ والله يقول: ( ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها).
وبذلك فإنه من يُريد أن يفطر رمضان فهذا شأنه مع الله، ولكن لا يجب أن يستفز مشاعر الناس، ومن يريد ممارسة حريته هذا شأنه؛ لكن عليه أن يحترم الآخرين، فلكل الحق في حياته الخاصة، وأن يفعل ما يشاء.. فقط يجب احترام الآخرين؛ لأننا، في النهاية، أمام ممارسات لا تحظى بإجماع المجتمع، وأما مجتمع تنظمه قواعد دستورية وقانونية وأخلاق عامة ونظام عام يجب على الجميع الامتثال له والانضواء تحت لوائه، والله الهادي والموفق للصواب.
كتبه: ذ. محمد سكرطاح