حكم الاذان وإقامة الصلاة وكيفيتهما عند السادة المالكية.
الأذان لغة: الإعلام.
وشرعا: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. والإقامة شرعا: ألفاظ مخصوصة تذكر على وجه مخصوص عند الشروع في الصلاة المفروضة ذات الركوع والسجود.
أولا: مشروعية الاذان:
ويدل على مشروعية الأذان الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: " اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة"
وأما السنة فما في الحديث عن أبي داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلاَةِ طَافَ بِي - وَأَنَا نَائِمٌ - رَجُلٌ حَامِلٌ نَاقُوساً فِي يَدِهِ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ الله أَتَبِيعُ هَذَا النَّاقُوسَ؟ فَقَال: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: أَوَ لاَ أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ تَقُولُ: الله أَكْبَرُ إِلَى آخِرِ الْأَذَانِ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ: الله أَكْبَرُ إِلَى آخِرِ الإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: إِنَّهَا رُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى قُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتاً، فَقُمْتُ مَعَ بِلاَلٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِي عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ قَائِلاً: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً يَا رَسُولَ الله لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «فَلِلَّهِ الحَمْدُ».
وأما الإجماع فلقول القرافي: أجمعت الأمة على مشروعية الأذان. (انظر الفواكه الدواني، ج 1 ص 171). (وانظر سنن أبي داود، باب كيف الأذان). وذكر الجلال السيوطي في الخصائص الصغرى أن الأذان الشرعي من خصائص هذه الأمة، وشرع في السنة الأولى من الهجرة. (الفواكه الدواني ج 1 ص 171)
. ثانيا: حكم الأذان
الأذان فرض كفاية في الأمصار؛ وسنة مؤكدة في المساجد، وعند وجود الجماعات الراتبة، ودليل ذلك: أمره صلى الله عليه وسلم به، ومواظبتهم عليه في زمنه وغيره، وإظهاره في جماعة؛ ومستحب للرجل إن كان مسافرا؛ لما صح عن أبي سعيد: «إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (صحيح البخاري، باب رفع الصوت بالنداء).
وفي حكم الأذان قال المصنف: «والأذان واجب في المساجد والجماعات الراتبة، فأما الرجل في خاصة نفسه، فإن أذن فحسن».
ثالثا: وقت الأذان وصفته
أ ــ وقت الأذان
وقت الأذان، هو حين يتحقق دخول وقت الصلاة، فلا يجوز أن يؤذن لأي صلاة من الصلوات الخمس أو الجمعة قبل وقتها، إلا صلاة الصبح، فإنه يستحب أن يؤذن لها قبل طلوع الفجر بقليل، ليستعد النائم، ويوتر القائم، ويمسك الصائم، ثم يؤذن لها ثانيا عند دخول الوقت، يدل له ما جاء عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِىَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. ».
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. (صحيح البخاري، باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره). وفي ذلك قول المصنف: «ولا يؤذن لصلاة قبل وقتها إلا الصبح، فلا بأس أن يؤذن لها في السدس الأخير من الليل.».
ب ــ صفة الأذان
صفة الأذان: الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح، حي على الفلاح. الله أكبر، الله أكبر. لا إله إلا الله.
والتكبيران الأولان بصوت مرتفع، والتشهدان الأولان بصوت منخفض، والأخيران وما بعدهما إلى آخر الأذان بصوت مرتفع (الترجيع)، ويزاد في أذان الصبح فقط قبل التكبيرتين الأخيرتين: «الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم»، والتهليل مرة واحدة. وفي ذلك قول المصنف: «وَالْأَذَانُ: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، إلى قوله: لَا إِلَهَ إلَّا الله. مَرَّةً وَاحِدَةً».
رابعا: حكم الاقامة:
الإقامة سنة مندوبة لكل فرض سواء كان وقتيا أو فائتا، وهذه السنة كفائية بالنسبة للجماعة أما المصلي المنفرد فتتعين في حقه إن كان ذكرا، أما النساء فتستحسن الإقامة في حقهن إذا صلين وحدهن وأما إذا صلين مع الرجال فيكتفين بإقامتهم.
وقد وردت بشأن سنية الإقامة أحاديث منها ما قاله أنس رضي الله عنه: "أمر بلال أن يشفيع الأذان ويؤثر الإقامة".
وهذه الصفة التي أمر بها بلال وهي تشفيع الأذان وعدم تثنية الإقامة، وهي التي أدرك الإمام مالك رحمه الله عليها أهل المدينة، ومن ثم صارت الإقامة معربة غير مثناة الجمل باستثناء التكبير وتؤدى جهرا للجماعة وسرا للفد في الصلاة المفروضة وقتية كانت أو فائتة.
والصلاة لاتبطل بترك الإقامة .
خامسا: وقتها:
ومن السنة أن تكون متصلة بالصلاة فإن فصل بينها وبين الصلاة بزمن غير يسير أعيدت الإقامة، أما الإمام فينتظر بعد الإقامة قليلا بقدر تسوية الصفوف.
وسـنَّـةَ الإقامةِ المفضَّـلهْ مُـفـْرَدةٌ معْربـة ٌ متـَّـصِلهْ
مَعْها فَـقـُمْ أو بعدها مهما تـُحِبْ وإن أقامتْ امرْأة ٌ سـرّاً نـُدِبْ
سادسا:كيفية اقامة الصلاة :
عند المالكية صيغة الإقامة تكون بالإفراد والأذان يكون بالشفع( يعني بالتثنية)
قال الشيخ خليل المالكي : وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ وَإِنْ قَضَاءً : تَقُولُ : ( اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ) مَرَّتَيْنِ ( أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ) مَرَّةً ( أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ) مَرَّةً ( حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ) مَرَّةً ( حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ) مَرَّةً ( قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ) مَرَّةً ( اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ) مَرَّتَيْنِ ( لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ) مَرَّةً وَاحِدَةً
وَالدَّلِيلُ عَلَى إفْرَادِهَا وَشَفْعِ الْأَذَانِ خَبَرُ مُسْلِمٍ : { كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً } ، وَفِيهِ : { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُشْفِعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ } فَلَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ وَلَوْ نِصْفَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ بَطَلَ وَلَوْ غَلَطًا أَوْ سَهْوًا ، وَمِثْلُهُ شَفْعُ الْإِقَامَةِ.
فجميع ألفاظ الإقامة وتر، ما عدا التكبير؛ وهي: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
وإفراد الإقامة هو المذهب، فإن شُفعت لا تجزئ على المشهور من المذهب. وفي ذلك قول المصنف: وَالْإقامَةُ وِتْرٌ: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، إلى قوله: الله أَكْبَرُ، الله أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا الله.
سابعا: مؤذنو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهم أربعة:
1- بلال بن رَبَاح - رضي الله عنه -:
وهو أول مَن أذَّن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتراه الصدِّيق وأعتقه، فلَزِم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وشَهِد معه جميع المشاهد، وتوفِّي بالشام سنة عشرين من الهجرة[1].
2- عمرو بن أمِّ مَكتُوم - رضي الله عنه -:
كان يؤذِّن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهو من المهاجرين الأولين، توفِّي في آخر خلافة عمر - رضي الله عنه[2].
3- سعد بن عائذ القَرَظ - رضي الله عنه -:
جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنًا بقُبَاء، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك بلالٌ الأذانَ، نقله أبو بكر - رضي الله عنه - إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفِّي سنة أربع وسبعين من الهجرة[3].
4- أبو محذورة - رضي الله عنه -:
__________
هو أوس بن مِعْيَر، وكان يرجِّع الأذان، مات بمكة سنة تسع وخمسين من الهجرة[4].
[1] الإصابة (1/ 273).
[2] معجم الصحابة لابن قانع (705)، زاد المعاد (1/ 96)، الإصابة (5759).
[3] تهذيب الكمال (10/ 275/2213)، التقريب (2242).
[4] تهذيب الكمال (34/ 256/7603)، التقريب (8341).
محمد سكرطاح