حكم صلاة العشاء خلف إمام يصلي التراويح

 هل تصح صلاة العشاء وراء إمام يصلي التراويح؟

صلاة العشاء خلف التراويح


لبسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه. 

سائل يسأل: فتوى تروج في رمضان غالبا نريد مناقشتها مع أهل هذا الشأن بهدوء؛ ملخصها: إذا دخلت إلى المسجد وفاتك صلاة العشاء والإمام في صلاة التراويح؛ تصلي معه ركعتين بنية العشاء وهو في التراويح، وإذا سلم قمت لإتمام صلاة العشاء ركعتين سرا؛ هذه من الفتاوى المستوردة يفتي بها كثير من أهل العلم مؤخرا في المغرب تقليدا لغيرهم، فما تقييمكم لها؟

الجواب باختصار:

نحن في بلدان المغرب العربي الكبير (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا) وما جاورها الفتوى لا تكون إلا بالمشهور من المذهب المالكي أو الراجح منه، وأن صلاة المفترض وراء المتنقل أو العكس، أو مع اختلاف النية في نوعية الفريضة من ظهر وراء عصر مثلا أو عشاء وراء من يصلي التراويح فهي باطلة للإخلال بركن المتابعة في النية وإن صحت في المذاهب الأخرى. 

دليل المالكية في المسألة عموم قول النبيﷺ: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» (صحيح البخاري: كتاب الجماعة: باب إنما جعل الإمام ليؤتم به)، وهذا لفظ عام من كلام النبيﷺ يشمل الاتباع في كل مكونات الصلاة: في النية وفي القول وفي الفعل، ولا يمكن تخصيص هذا العموم إلا بدليل؛ وصلاة المفترض وراء المتنفل أو العكس يخالف فيها المأموم إمامه في أعظم أركان الصلاة وهو النية، ولا يكفي عند المالكية موافقة الإمام في معظم الأركان بل في كل الأركان. 

والله أعلم.


الجواب بشي من التفصيل والله الموفق للصواب: 

يجب أن نقف قبل الجواب على قواعد وفوائد منها:


أولا: نحن في رمضان والمسألة خلافية بين الأئمة الأربعة لا تستوجب الحدة في المناقشة، والمسائل الخلافية إنما هي حلول متعددة لمشكل واحد.

ثانيا: من أكبر الفتن الفقهية التي ضربت الأمة في الآونة الأخيرة محاولة إزاحة المذاهب الأربعة وإزالة هذه الثروة الفقهية العظيمة التي تكونت على مدى (14 قرنا) من طرف أئمة كبار، يريد أصحاب هذه الفتنة أن نبدأ الصفحة من جديد ونحن لسنا في مستوى نعال أحدهم فكيف بفكرهم؟.


ثالثا: المسألة إذا اختلف فيها الأئمة الأربعة وكان لكل مخالف دليله يجب أن نضعها ونخضعها للواقع؛ فإن ساد فيه مذهب الحنابلة قلنا به، وإن ساد فيه مذهب المالكية قلنا به، وكذلك الشافعية والحنفية.


رابعا: دليل المالكية في المسألة عموم قول النبيﷺ: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» (صحيح البخاري: كتاب الجماعة: باب إنما جعل الإمام ليؤتم به)، وهذا لفظ عام من كلام النبيﷺ يشمل الاتباع في كل مكونات الصلاة: في النية وفي القول وفي الفعل، ولا يمكن تخصيص هذا العموم إلا بدليل؛ وصلاة المفترض وراء المتنفل أو العكس يخالف فيها المأموم إمامه في أعظم أركان الصلاة وهو النية، ولا يكفي عند المالكية موافقة الإمام في معظم الأركان بل في كل الأركان. 

أما قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه «أنه كان يصلِّي مع رسولِ اللهﷺ، ثم يرجع إلى قومه فيؤمُّهم» (صحيح البخاري: كتاب صلاة الجماعة: باب إذا صلى ثم أم قوماً)؛ فهي اجتهاد منه لم يفعله غيره ولم يثبت عن رسول اللهﷺ بسند صحيح أنه فعله ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم؛ ومن هنا قال المالكية هذا خاص به من أجل فضيلة التعليم؛ لأنه حدث في بداية الإسلام في المدينة المنورة حيث كثير من الناس لم يكونوا على علم تام بكيفية الصلاة.


خامسا: أن هذه الفتاوى المستوردة -وأقولها وأكررها مستوردة- إنما هي فتنة تشتت البلاد التي حلت به؛ سواء تم استيرادها من الشرق للغرب، أو من الغرب للشرق؛ وقد كنت ذات يوم صليت بالناس المغرب في تسعينات القرن الماضي في مسجد الخيف بمنى قبيل الحج، ولم أدر حين بدأت الصلاة أن المامومين قد كثروا ورائي، في البداية كانوا مغاربة فقط، فسلمت تسليمة واحدة، ففاجأني جنود صلوا بي للتحقيق معي، يظنون أنني شيعي؛ فما نجوت منهم حين قلت: إن التسليمة الواحدة ثابت في الحديث الصحيح وأنه مذهب الإمام مالك، حتى قلت لهم: (صححه الألباني)!؛ ما اطمأنوا لمالك ولا للشافعي حتى قلت: (الألباني). وسبب هذا أني ارتكبت خطأ حين استوردت قولا في مسألة خلافية إلى غير مكانه.

هم لا يقبلون الفتاوى المستوردة وإن صحت أدلتها، ويستخدمون لمحاربتها وإقصائها حتى الجنود حفاظا على بيضتهم؛ فلم نكسر نحن بيضتنا وبيوتنا بفتوى شيوخ نجد؛ من باز وعثيمين وفوزان وألباني وغيرهم رحمهم الله بينما هم يحافظون على مذهبهم وإن صح غيره؟!


وأخيرا: نحن في بلدان المغرب العربي الكبير (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا) وما جاورها الفتوى لا تكون إلا بالمشهور من المذهب المالكي أو الراجح منه، وأن صلاة المفترض وراء المتنقل أو العكس، أو مع اختلاف النية في نوعية الفريضة من ظهر وراء عصر مثلا هي باطلة للإخلال بركن المتابعة في النية وإن صحت في المذاهب الأخرى. والله أعلم.


عبد الله بنطاهر

14 رمضان 1438هـ 9 / 6 / 2017م.

مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب. 

المرجع: كتابي "أجوبة وفتاوى فيما استجد في العصر من الظواهر والقضايا" مرقون

سواء السبيل

سواء السبيل مدونة لتقديم المعلومة الدينية والثقافة الفقهية المالكية بطريقة سهلة ومبسطة وموثقة.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم

نموذج الاتصال