رفع اليدين في الصلاة عند المالكية.

هل نرفع الايدي في تكبيرة الاحرام فقط، أم هناك                      مواضع أخرى يكون فيها الرفع؟ 


 

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

الجواب:

 فإن المشهور في المذهب المالكي أنه لا رفع لليدين في الصلاة لا قبل الركوع و لا بعده و لا عند السجود و لا بعد التشهد للقيام للثالثة ، و إنما يكون الرفع عند تكبيرة الإحرام فقط.

وقد رُوي عن مالك جواز رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام أي قبل الركوع و بعده و هو اختيار بن العربي.

الادلة على القول الاول:

 الأدلة من الحديث  :

1 ـعن علقمة أن بن مسعود رضي الله عنه قال : " ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : فصلى فلم يرفع يديه إلا في اول مرّة " حديث أخرجه أبو داود و الترمذي و النسائي .

2 ـ عن البراء بن عازب : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود " حديث أخرجه أبو داود .

3 ـ عن جابر بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس ( لا تستقر ) اسكنوا في الصلاة " أخرجه مسلم في الصلاة .و قد استدلّ بهذا الحديث بن القصار على المنع من رفع الأيدي في الصلاة جملة .

4 ـ موافقة عمل أهل المدينة لهذه الأحاديث و هو أقوى الأدلة  فقد كان أهل المدينة على عدم رفع الأيدي إلا في تكبيرة الإحرام

5-حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه كان صلى الله تعالى عليه و سلم إذا دخل الصلاة رفع يديه مدا . أخرجه ابو داود في باب من لم يذكر الرفع عند الركوع.

6-حديث البراء ابن عازب رضي عنه أخرجه الطحاوي بعدة طرق بلفض: كان النبي صلى الله غليه و سلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه قريبا من شحمة أذنيه ثم لا يعود

حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : ألا أصلى بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى و لم يرفع الا مرة  أخرجه الترمذي و حسنه و صححه ابن القطان والدارقطني.

حديث عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه في أول الصلاة ثم لم يرفعهما في شيء حتى يفرغ فالحديث مرسل ولكن المرسل حجة عند الجمهور سيما إذا توبع بحديث أخر.

الادلة من الآثار وهي كثيرة منها:

- ما رواه البيهقي عن ابراهيم عن الاسود قال: رأيت عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود.

- ما أخرجه الطحاوي عن عاصم بن كليب إن عليا كرم الله وجهه كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يعود يرفع وهو أثر صحيح.

- ما رواه محمد في موطئه عن عبد العزيز بن الحكيم قال رأيت ابن عمر يرفع يديه حذاء أذنيه في أول تكبيرة افتتاح الصلاة و لم يرفع فيما سوى ذلك.

- ما أخرجه الطحاوي عن ابي بكر بن عياش قال:  ما رأيت فقيها قط يفعله يعنى الرفع في غير تكبيرة الإحرام و أبو بكر هذا من رواة البخاري و من مشايخ الثوري و ابن المبارك و احمد ابن حنبل. قال ابن المبارك: ما رأيت أحد أسرع إلى السنة من ابى بكر بن عياش.

الأدلة على القول الثاني:

ـ و قد رُوي عن مالك جواز رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام أي قبل الركوع و بعده و هو اختيار بن العربي و الأدلة على ذلك موجودة:

 كحديث عن سالم عن بن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، و إذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا و قال " سمع الله لمن حمده ربنا و لك الحمد " و كان لا يفعل ذلك في السجود ).

الجمع بين الأدلة:

ـ و يقول الإمام القرافي: ( و طريق الجمع بين هذه الأحاديث أن يكون الأول الأصل ـ أي حديثا بن مسعود و البراء بن عازب في عدم الرفع ـ و بقية الأحاديث تدل على الجواز فقط ).

أي أن الأصل عدم رفع اليدين إلا في تكبيرة الإحرام و من رفع قبل الركوع و بعده فله ذلك ( جائز ).

ـ أما عند السجود فقد ذكر الباجي ان الأحاديث التي رُويت في ذلك غير ثابتة . أنظر المنتقى للباجي.

ـ و يقول الشيخ محمد الأخوة: " و ما جرى عليه عمل المالكية من عدم رفعهم فيما عدا تكبيرة الإحرام ما عليه السلف من التزامهم لذلك " أي أن السلف الصالح التزموا بعدم الرفع .

ـ و نقل الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير ان القول الأول ( عدم الرفع إلا في تكبيرة الإحرام ) هو أشهر الروايات عن مالك.

-و قد قالوا في ردّ مالك لأحاديث الرفع زيادة على كونها لم يصاحبها العمل ( أي عمل أهل المدينة ) كما تقدم.

- فقد قالوا كذلك : 

1 ـ لأن سالما و نافعا اختلفا في رفع الأحاديث و وقفها فترك مالك العمل بها، لأن الأصل صيانة الصلاة عن الأفعال .

2 ـ قال المازري : " لِما وقع له من ظواهر تدل على إسقاطه ـ أي الرفع ـ " و المراد بالظواهر الأحاديث السابقة الدالة على عدم الرفع . 

- 3 أن راويي حديث رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام و هما علي بن أبي طالب و عبد الله بن عمر كانا لا يرفعان أيديهما ، و لم يكونا ليتركا بعد النبي صلى الله عليه و سلم ما رويا عنه إلا و قد قامت عندهما الحجة بتركه ، و هذا ما قاله بن رشد الجد ( أنظر البيان و التحصيل 1 / 375 .

ـ و قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : " و قد اختلفت الرواية في الموطأ في إثبات رفع اليدين عند الركوع ، على أن مالكا رضي الله عنه رجع إلى عدم استحباب رفع اليدين إلا عند تكبيرة الإحرام . كذلك روى بن القاسم ، و أحسبها أن وجهه الإجماع على ان رفع اليدين ليس من أركان الصلاة و لا من مؤكداتها ، فالمقدار المختلف في ثبوت سنيته منه ينبغي أن يُترك ، لأنه متردد بين كونه مستحبا و كونه عملا زائدا في الصلاة ، فأخذ بجانب تجنّب الزيادة في الصلاة ، و الأمر هين " ( أنظر كشف المغطى ص 90 ) .

الخلاصة:

من خلال الأدلة التي ذُكرت فإن المشهور في المذهب المالكي عدم رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام ، و تركه أولى من فعله لأن في الترك عدم الإثم و في الفعل إمكانية أن يكون حركة زائدة في الصلاة و الزيادة في العبادة ابتداع ، و الله أعلى و أعلم.

محمد سكرطاح.

سواء السبيل

سواء السبيل مدونة لتقديم المعلومة الدينية والثقافة الفقهية المالكية بطريقة سهلة ومبسطة وموثقة.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم

نموذج الاتصال