هل يجوز ان تؤم المرأة النساء؟
الذي ذهب إليه السادة المالكية في هذه المسألة، أن المرأة لا يصح أن تكون إمامًا بحال من الأحوال.
فقد قال ابن شاس في عقد الجواهر 1/193: «وأما المرأة فلا تصح إمامتها للرجال ولا للنساء، قال: وروى ابن أيمن جواز إمامتها للنساء» اهـ.
وقال ابن عبد البر في الكافي 1/178: «ولا يكون واحدًا من هؤلاء -يعني المرأة والخنثى والكافر والمجنون والأميّ- إمامًا بحال من الأحوال».
تحرير الكلام وتفصيله في المسألة؟
وقد حرر مذهب السادة المالكية في هذه المسألة العلامة أحمد بن الصديق الغماري المغربي المالكي في كتابه (شد الوطأة على من منع إمامة المرأة) فذكر أن في مذهب مالك أربعة أقوال:
أولا:
المنع مطلقًا للرجال والنساء وهو المشهور المفتي به.
ثانيا:
جوازها للنساء إن عدم من يؤمهن من الرجال، وهو اختيار اللخمي.
ثالثا:
جوازها لهن مع الإعادة في الوقت وهو قول إبراهيم الأندلسي.
رابعا:
جوازها لهن مطلقًا، وهو رواية ابن أيمن عن مالك، واختيار بعض شيوخ عياض، وبعض معاصريه كابن ناجي، وابن هارون، قال: وهو الصحيح الثابت بالأدلة الكثيرة، والبراهين القاطعة، وغيره من الأقوال لا دليل عليه فهو باطل ساقط الاعتبار. اهـ. كلامه.
وقال احمد بن الصديق ايضا نحو ذلك في كتابه الآخر (مسالك الدلالة في شرح مسائل الرسالة) ص60.
وقال عبد العزيز بن الصديق الغماري في كتابه: (حسن الأسوة بما ورد في إمامة المرأة بالنسوة) المختصر من كتابه الكبير (القول المأثور في جواز إمامة المرأة بربات الخدور) قال ما نصه: (من المعلوم المقرر عند المحققين من أئمة مذهب مالك رحمه الله تعالى: أن المشهور إذا خالف الدليل صار مرجوحًا والراجح هو ما وافق الدليل وثبت في النص، قال: فالراجح هنا من مذهب مالك هو ما نقله ابن أيمن عنه من جواز إمامة المرأة بالنساء لموافقته للنص الوارد في ذلك). اهـ. كلامه.
وما قرره الشيخان المذكوران هو مذهب جمهور أهل العلم حيث يرون جواز إمامة المرأة للمرأة، بل الشافعية والحنابلة يستحبون ذلك لها، أما الأحناف فهو جائز عندهم مع الكراهة كما في الهداية 1/60.
والقائلون بالجواز وهم الجمهور يستدلون لذلك بما أخرجه الدارقطني وغيره من حديث أم ورقة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، وهو حديث صحيح ثابت صححه ابن خزيمة وجمع، ومن المتأخرين كأحمد بن الصديق الغماري وعبد العزيز بن الصديق الغماري في كتابيهما (شد الوطأة على من منع إمامة المرأة) و(حسن الأسوة بما ورد في إمامة المرأة للنسوة).
وما جاء عن أمهات المؤمنين أنهن كن يفعلن ذلك، حيث جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها أمَّت النساء في صلاة المغرب، فقامت وسطهن وجهرت بالقراءة.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تؤم النساء في رمضان وتقف معهن في الصف، وأن ابن عمر كان يأمر جارية له أن تؤم نساءه في رمضان.
ولأن النساء متساويات مع الرجال في تحصيل فضيلة الجماعة، وإقامة الصلاة جماعة من قِبلِهنَّ وحدهن، كما يقيمها الرجال وحدهم.
ولم يرد نص صريح من الكتاب ولا من السنة يمنع إمامة المرأة للنساء كما نقل ذلك العلامة أحمد بن الصديق في كتابه (شد الوطأة على من منع إمامة المرأة) عن الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية 1/447 وأقره، ونقل قوله: (الأصل إجازة إمامتها للنساء فمن ادعى منع ذلك من غير دليل فلا يسمع له ولا نص للمانع في ذلك).
والله تعالى أعلم.
