حكم قضاء صلاة الفجر بعد صلاة الصبح وقبل الشروق
السؤال:
أخ كريم سأل: السلام عليكم ما حكم قضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح مباشرة، علما أنها تقضى من حل النافلة إلى الزوال كما نبه على ذلك الإمام ابن عاشر حينما قال: "وتقضى للزوال"؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
أولا: اتفق المذاهب الثلاثة -المالكية والحنفية والحنابلة-:
على أن من لم يصل ركعتي الفجر قبل الصبح الأفضل له أن يقضيها بعد طلوع الشمس، وأداؤها قبله وبعد صلاة الصبح مكروه عند المالكية، وخلاف الأولى عند الحنفية والحنابلة، والكراهة من قبيل الجواز؛ قال الشيخ خليل المالكي: "ولا يقضى غير فرض إلا هي فللزوال" أي: إلا الفجر فتقضى من حل النافلة للزوال(1)، وقال محمد بن الحسن الشيباني الحنفي: "أحب إلي أن يقضيهما إذا ارتفعت الشمس"(2)، وقال ابن قدامة الحنبلي: "وتأخيرها إلى وقت الضحى أحسن لنخرج من الخلاف، وإن فعلها (أي بعد صلاة الصبح) فهو جائز"(3)؛ وحجتهم ما روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهﷺ: «من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس»(4)، وما روى عبد الرزاق: «أن ابن عمر دخل المسجد والقوم في الصلاة، ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فدخل مع القوم في صلاتهم، ثم قعد حتى إذا أشرقت له الشمس قضاها، وكان إذا أقيمت الصلاة وهو في الطرق صلاهما في الطريق»(5).
ثانيا:أما الشافعية فقالوا بالجواز:
لأن الفجر صلاة ذات سبب كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وذوات الأسباب عندهم تؤدى ولو في وقت الكراهة(6)؛ مستدلين بحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم(7) عن قيس بن عمرو: «أنه صلى ركعتي الفجر بعد الفراغ من صلاة الصبح، فلما أَخْبَر النبيَّﷺ لم يُنْكِر عليه ذلك»(8).
قال الخطابي في معالم السنن: "فيه بيان أن لمن فاتته الركعتان قبل الفريضة أن يصليهما بعدها قبل طلــوع الشمس"(9)، وترجــم ابن خزيمــــة على الحديث بقوله: باب الرخصة في أن يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس إذا فاتتا قبل صلاة الصبح(10).
الخلاصة:
وعليه فيجوز شرعا لمن لم يدرك ركعتي الفجر أن يصليهما بعد صلاة الصبح مباشرة، أو بعد طلوع الشمس، والأفضل أن يصليهما بعد طلوع الشمس؛ قال ابن عبد البر معلقا على هذه المسألة: «الحجة عند التنازع السنة؛ فمن أدلى بها فقد أفلح، ومن استعملها فقد نجا»(11). وبهذا أفتى شيخ شيوخنا العلامة أبو العباس سيد الحاج أحمد الكشطي رادًّا على من قال بالمنع وعدم الجواز وقال في ذلك نظما:
أجز صلاة الفجر قبـــل الشمس***ذكــره نصــا بفتـــح البـــــاري
بعد صلاة الصبح دون حــــدس***شـارح متـن صحيـح البخاري(12)
والله أعلم وهو سبحانه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) الشرح الكبير للدردير: 1/319.
(2) المبسوط للسرخسي: 1/161.
(3) المغني لابن قدامة: 1/431.
(4) سنن الترمذي: 2/287.
(5) مصنف عبد الرزاق: 2/443.
(6) المجموع للنووي: 4/153.
(7) قال أبو داود: : "حديث مرسل" وقال الترمذي: "غريب" وقال ابن عيينة: "ليس إسناده بمتصل". انظر: سنن أبي داود: 2/22، وسنن الترمذي: 2/284، وسنن ابن ماجه: 1/365، والمستدرك للحاكم: 1/409، وتلخيص الحبير لابن حجر: 1/188.
(8) انظر: فتح الباري لابن حجر: 2/150.
(9) معالم السنن للخطابي: 1/238.
(10) صحيح ابن خزيمة: 2/164.
(11) التمهيد لابن عبد البر: 22/74.
(12) نشرت فتوى شيخنا أبي العباس الكشطي بتحقيقي في مجلة المذهب المالكي العدد 9.
عبد الله بنطاهر التناني السوسي
صباح يوم الاثنين 17 ربيع الأخير 1435هـ 17/2/ 2014م
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.
