القيم الاسرية ومواقع التواصل

بسم الله الرحمن الرحيم
القيم الاسرية ومواقع التواصل

اذا كان علماء الاجتماع والمتخصصون في مجال الاسرة بالامس القريب ، يناقشون ويبحثون في مدى تأثر الاسرة بوسائل الاعلام االمتنوعة، وكيف أسهمت في التحولات الت يشهدتها الاسرة، فاننا اليوم ، وفي عصر العولمة، وفي ظل ظهور وسائل تكنولوجية متطورة ،كالانترنيت والحواسيب والهواتف المحمولة وما تحمله من تطبيقات ، كمواقع التواصل الاجتماعي باختلاف أنواعه ومسمياته ، من فيسبوك وتويتر وواتساب وجمايل وغرف المحادثة على الانترنيت، أصبحنا نشهد تحولات مثيرة ومقلقة على مستوى القيم السلوكية في واقع الاسرة ، وتمزقا في بنيتها .
فاذا كانت الاسرة من قبل، هي العامل الأساس والمساهم الأول في تكوين مدارك الانسان وتشبعه بثقافته ، وتشئته على القيم الفاضلة، من احترام وتقدير وصدق وامانة وتكافل وتراحم،وغيرها من القيم الرفيعة التي تميزت بها الاسر في الماضي القريب. فانه اليوم بسبب وسائل الاتصال الحديثة والطفرة التكنولوجية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، والتي تغلغلت بشكل سريع داخل مجتمعاتنا ووسط بيوتنا وبين افراد اسرنا، قد تغيرت معالم كثيرة في حياننا العملية والدراسية والعائلية، وأضحت هذه الوسائل الصق بالمرء من أهله داخل بيته ، وصار لها الوقت الأكبر في حياته، وأصبحت هي المسيطرة على الجو العائلي الدافئ، بحيث أصبحت هذه الاجهزة تسرق الكلام من كل أفراد العائلة، إذ كل واحد يغوص في عالم جهازه، و صارت هي الجليس والأنيس، والصاحب. ولم يقتصر استعمالها على االكبار بل ربما كان ارتباطها بالصغار أشد واخطر، كما لم يعد  اقتناء بعض وسائل التكنولوجيا من الكماليات أو مظهرا من مظاهر التحضر والحداثة عند البعض، بل بلغ هذا التملك درجة الهوس، إذ أصبح بمعدل جوال لكل فرد، لصيق به لا يفارقه في حله وترحاله، مكالمات ورنات لا تنتهي، رسائل قصيرة، لا يتوقف عن كتابتها، وأرقام يقوم بتركيبها اعتباطيا لنسج علاقات جديدة خارج المحيط العائلي.
وانطلاقا مما سبق  نلاحظ ان دور الاسر تراجع الى الوراء  مخليا الجو امام هذه الوسائل التي فرضت نفسها بشكل قوي ، كما لا يمكننا ان نصدر حكما واحدا على أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي جيدة أو غير جيدة، حيث الأمر يختلف من مجتمع إلى آخر، وبالتالي فإنَّنا نحكم من خلال طريقة تعامل أفراد المجتمعات ، واختلاف مستعمليها تبعا لغاياتهم واهدافهم ومستويات اعمارهم وثقافاتهم .
لكن بالمقابل  باستطاعتنا القول ان هذه الوسائل أصبحت من الؤسسات المهمة التي تقوم بدور مهم في المساهمة  في التربية وزرع واكتساب عادات وتقاليد واعراف وقيم وسلوكيات قد تكون إيجابية أو سلبية ، كما لا يمكننا ان ننكر ان الجانب السلبي فيها يطغى على الجانب الإيجابي، ونؤكد إلى أنَّه لابُدَّ من الأخذ في الحسبان أنَّنا لا نريد أن نمنع هذه الحرية، وهي حرية الإنسان أمام فضاء منفتح، بيد أنَّ المشكلة تكمن في أنَّ هذه الوسائل مفتوحة على مصارعيها ولا أحد يريد العنف والانحلال الأخلاقي داخل مجتمعه وبين افراد اسرته، لان الحرية في استعمال هذه الوسائل استحوذت على الجزء الأعظم من مصادر المعلومات التي نستقي منها فهمنا، ومن ثم حكمنا على الأشياء. فأًصبحت تؤثر في مواقفنا لأننا أصبحنا نتعرض لها وحدها بطريقة تشبه الإدمان، والنتيجة الطبيعية لهذه الحالة ان نعوض المقولة: ان الانسان اجتماعي بطبعه ،ونقول اليوم أن الانسان تكنولوجي بطبعه.
 ويجب ان  ندرك فعلا  خطورة وسائل التكنولوجيا على حياتنا و مستقبلنا ومستقبل أبناءنا’  سواء كانوا أطفالا أم مراهقينفهي تعمل على اتساع الفجوة بين الاباء و الابناء وتقضي على أشكال الاتصال  الاسريفتختفي العلاقة القائمة على حرارة المشاعر وصدق الاحاسيس و تحل محلها تلك التي تتسم بالجمود و النزاعات.
ان هذه التغيرات التكنولوجية، التي لم تستوعبها مجتمعاتنا، ، بدأت بخلق مفاهيم جديدة في العلاقات الأسرية، قد ينتج عنها اضرار لأسباب سطحية، لم تكن موجودة قبل استعمالنا لهذه المنظومة الاتصالية الحديثة.
 ونشير ايضا إلى ان الانفتاح على هذه الوسائل، زاد من فجوة الخلافات بين الأزواج، كما شجع من جهة أخرى على الزواج من دون الاستناد على أسس المحبة والتفاهم، كما خلق علاقات ترابط بين الجنسين خارج القيم الإسلامية ، ما يستدعي توعية الأسر بالأضرار التربوية الاجتماعية والاقتصادية التي تنعكس سلبا على حياتهم.
ولكن و رغم دلكفالحل ليس فيابتعادنا وابقاء أطفالنا و مراهقين بعيدين عن احدى مميزات العصر الحديث المتمثل في الانتشار المذهل لوسائل التكنولوجياولكن يجب:     
 -      الاستخدام العقلاني لوسائل الاتصال   
-       التحذير من سوء استخدام هذه الوسائل من طرف كافة فعاليات المجتمع ، اسر مؤسسات تربوية وإعلامية، وجمعيات .
-         توعية شاملة خاصة للشباب والمراهقين.
-         فرض نوع من الرقابة على الصغار                                                                                                                  
-    ترسيخ القيم الإسلامية في التعامل الإنساني سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع .

سواء السبيل

سواء السبيل مدونة لتقديم المعلومة الدينية والثقافة الفقهية المالكية بطريقة سهلة ومبسطة وموثقة.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم

نموذج الاتصال