نعمل على المشترك لتفادي الاختلاف.
![]() |
في هذا المقال محاولة بسيطة لتقريب الهوة وطي المسافة ومحاولة لرأب الصدع وإزالة لسوء الفهم وتخفيفا من غلواء الاختلاف بين المتخالفين.
قيم مشتركة تابثة:
فالأمة او لنقل الانسانية كلها محتاجة -حاجة الفطيم الى الحنو والحنان والعطف- الى البحث عن القيم المشتركة وتنميتها للوصول الى السلم والابتعاد عن الاختلاف المؤدي للتنافر والعنف،.
فلدى الانسانية اليوم مشتركات كثيرة أدى تجاهلها وإذكاء الخصوصيات بدلها إلى كثير من الحروب والدمار، وإلى ابتعاد البشرية عن القيم التي أرساها الأنبياء، قيم الخير والمحبة والوئام، وهذه قيم مشتركة تجب اعادتها في حياة الناس وهي مبثوثة في كل رسائل ودعوات الأنبياء، إنها قيم سلم ثابتة لا تتغير، ولكنه للأسف فرغم ان الانسانية وصلت الى ما وصلت اليه من حضارة فإنها أمام فشل حضاري يحط من قيمة الإنسان، فما جدوى أن يغزو الانسان الفضاء ويبلغ أقصى الكواكب، بينما يظل عاجزا عن التفاهم مع أخيه ونظيره ومثيله.
لماذا نعادي من يخالفنا؟
إن التأسف بالنسبة للمنتمين للديانة الاسلامية وتجمعهم مشتركات كثيرة تجاوز مداه، فأصبح من العار بل من العيب كل العيب أن نجد من بين امتنا جماعات وتحزبات وفرقا وأفرادا تتبنى أفكارا من خالفها فيها تنصب له العداء وتعلن عليه الحرب، فحولنا الاسلام الذي هو في أصله طاقة تصنع السلام، إلى طاقة تصنع التنافر والتباعد والاقتتال والخصام، وخير مثال عن ذلك هو ما نعيشه من نقاشات وجدالات تصل الى حد التفسيق كلما حلت مناسبة من المناسبات الدينية التي من المفترض أن تجمع شملنا بدل أن تكون عاملا من عوامل الاختلاف ( كذكرى المولد النبوي، وصيام يوم عرفة هل هو يوم الوقوف أو يوم التاسع وكذا زكاة الفطر هل تخرج طعاما او نقدا) وهذا غيض من فيض.
فإذا كان هذا حالنا مع من يدين بديننا، فكيف سنكون بالأحرى مع المخالف لنا دينا وفكرا وثقافة؟ أو بطريقة أخرى كيف يوجهنا ديننا في معاملتنا للآخر المخالف في الدين؟
كيف رأى الاسلام المخالف في الدين؟
نقول: إن الآخر في رؤية الاسلام قد أجمل التعبير عنه الامام علي رضي الله عنه بقوله:" الناس صنفان: اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"، فالآخر هو الأخ الذي يشترك معك في المعتقد أو يجتمع معك في الإنسانية.
المشترك:
وأول مشترك إنساني جلاه الاسلام كان الكرامة الإنسانية، وهي مقدمة على الكرامة الإيمانية وسابقة لها اذ قال تعالى:" ولقد كرمنا بني آدم"، لأن البشر جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم كرمهم الله بنفخة من روحه في أبيهم آدم عليه السلام. (لنا عودة لهذا الموضوع- الكرامة الانسانية في الاسلام- في المنشورات المقبلة إن شاء الله) وهناك المشترك الانساني لقوله تعالى: " يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..." فكلن من الواجب العمل على هذا المشترك للوصول للتعارف والتآلف بدل التنافر والتخالف.
كيف ننمي المشترك؟
ولتنمية المشترك كيفما كان، هناك منهج ومسلك وطريق واحد ووحيد لا محيد عنه، وهو الحوار، فالحوار واجب ديني وضرورة إنسانية وليس أمرا موسميا، فالحوار من أصل الدين ومن مقتضيات العلاقة البشرية، وبه يتحقق التعارف والتعريف، وهو قيمة ومفتاح، وهو احترام الاختلاف، وهو أساس لتكوين المركب الإنساني، فيجب ان تعبأ طاقات رجال الدين والمثقفين والأكاديميين من أولي بقية من كل الأديان والثقافات للنهوض بقيمة الحوار لتنمية المشترك الديني او العقدي او الإنساني....
محمد سكرطاح
