حكم التهنئة بالعيد؟

 حكم التهنئة في العيد في المذهب المالكي بالدعاء: «تقبل الله منا ومنكم»
تهنئة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه ورشده. 

أما بعد؛ فقد جاءني سؤال يقول صاحبه: أريد أن أعرف حكم حكم التهنئة في العيد في المذهب المالكي بهذا الدعاء: «تقبل الله منا ومنكم»؛ فقد سمعت بأنه مكروه جزاك الله خيرا؟


الجواب

الرأي الاول: الجواز

قال عبد الملك ابن حبيب الأندلسي المالكي: "سئل مالك عن قول الرجل لأخيه فى العيد: تقبل الله منا ومنك وغفر لنا ذلك؛ فقال: ما أعرفه ولا أنكره؛ قال ابن حبيب: لم يعرفه سنة، ولا ينكره لأنه قول حسن. ورأيت من أدركت من أصحابه لا يبدؤون به ولا ينكرونه على من قاله لهم، ويردونه عليه مثله، ولا بأس عندى أن يبتدأ به(1). 

وقال الحافظ ابن حجر: روينا في الـْمَحَامِلِيَّاتِ(2) بإسناد حسن عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ قال: «كان أصحاب رسول اللهﷺ إذا التقَوْا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك»(3).

وروى الطبراني والبيهقي، بسند ضعيف عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: «لقيتُ رسول اللهﷺ يوم عيد فقلتُ: تقبل الله منا ومنك، قال: نعم؛ تقبل الله منا ومنك»(4). 

وروى البيهقي عن أَدْهَمَ مولى عمر بن عبد العزيز قال: "كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين: تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا"(5).

الرأي الثاني: الكراهة

وكره بعض العلماء ذلك لما روى البيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «سألتُ رسول اللهﷺ عن قول الناس في العيدينِ: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: ذلك فعل أهل الْكِتَابَيْنِ، وكرهه»؛ ضعفه البيهقي وابن حجر(6).

حاصل الامر: الامر مختلف فيه.

قال ابن الحاج: "قد اختلف علماؤنا رحمة الله عليهم في قول الرجل لأخيه يوم العيد: "تقبل الله منا ومنك وغفر لنا ولك" على أربعة أقوال: جائز؛ لأنه قول حسن. ومكروه؛ لأنه من فعل اليهود. ومندوب إليه؛ لأنه دعاء، ودعاء المؤمن لأخيه مستحب. ولا يبتدئ به؛ فإن قال له أحد رد عليه مثله"(7).

رابعا: الخلاصة:

 الأمر فيه سعة من قاله لا ينكر عليه، ومن لم يقله لا يؤمر به. 

والتهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الاۤن من الأمور العادية التي اعتادها الناس ، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام، وكذلك المصافحة ، والمعانقة فهذه الأشياء لا بأس بها ؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل ، وإنما يتخذونها على سبيل العادة ، والإكرام والاحترام ، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة.

هذا؛ فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فسبحان الله.

الهامــــــــش:

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجامع لمسائل المدونة لابن يونس: (3/954).

(2) المحامليات في الحديث، يقال لها: "أمالي المحاملي" ستة عشر جزءا منها: "أحكام العيدين" وهي لأبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل المحاملي البغدادي (ت330ه). 

(3) انظر: أحكام العيدين لأبي عبد الله المحاملي: (ص 45) مخطوط، وفتح الباري لابن حجر: (2/446).

(4) المعجم الكبير للطبراني: (22/52 - 53): (رقم123)، والسنن الكبرى للبيهقي: (3/446): (رقم6294) ضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد: (2/206) وابن حجر في فتح الباري: (2/446).

(5) السنن الكبرى للبيهقي: (3/446): (رقم6296).

(6) السنن الكبرى للبيهقي: (3/446): (رقم6297)، وفتح الباري لابن حجر: (2/446).

(7) المدخل لابن الحاج: (2/287).

_ جواب للشيخ عبد الله بنطاهر التناني على سؤال ورد عليه في المسألة.(مع بعض الزيادات والتنظيمات ).

محمد سكرطاح.

سواء السبيل

سواء السبيل مدونة لتقديم المعلومة الدينية والثقافة الفقهية المالكية بطريقة سهلة ومبسطة وموثقة.

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم

نموذج الاتصال